فصل: قال الدمياطي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الأخفش:

سورة الشمس:
{وَنَفْسٍ وَمَا سواها}
قال: {وَنَفْسٍ وَمَا سواها} [185] يقول {وَالّذِي سواها} فأقسم الله تبارك وتعالى بنفسه وأنه رب النفس التي سواها. ووقع القسم على {قَدْ أَفْلَحَ مَن زكاها} [9].
{فَقَالَ لَهُمْ رسول اللّه نَاقَةَ اللَّهِ وسقياها}
وقال: {نَاقَةَ اللَّهِ} أي: ناقةَ اللهِ فاحذَرُوا أَذَاها. اهـ.

.قال ابن قتيبة:

سورة الشمس:
1- {ضُحاها}: نهارها كلّه.
2- {وَالْقَمَرِ إِذا تلاها} أي تبع الشمس.
3- {وَالنَّهارِ إِذا جلاها} يعني: جلّي الظّلمة، أو الدنيا.
6- {وَالْأَرْضِ وَما طحاها} أي بسطها. يقال: حيّ طاح، أي كثير متسع.
8- {فَأَلْهَمَها فُجُورَها وتقواها} أي عرّفها في الفطرة.
9- {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زكاها} أي من زكي نفسه بعمل البر، واصطناع المعروف.
10- {وَقَدْ خابَ مَنْ دساها} أي دسّ نفسه- أي أخفاها- بالفجور والمعصية.
والأصل من (دسّست)، فقلبت السين ياء. كما قالوا: قصّيت أظفاري، أي قصّصتها.
11- {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بطغواها} أي كذبت الرسول إليها بطغيانها.
12- {إِذِ انْبَعَثَ أشقاها} أي الشقيّ منها، أي نهض لعقر الناقة.
13- {فَقالَ لَهُمْ رسول اللّه ناقَةَ اللَّهِ وسقياها}، أي احذروا ناقة اللّه وشربها. اهـ.

.قال الغزنوي:

سورة الشمس:
2 {وَالْقَمَرِ إِذا تلاها}: ليلة إبداره.
3 {جلاها}: أبداها، أي: الظّلمة. جلّى الشّيء فتجلّى، وجلّى ببصره: رمى به، وجلا لي الخبر: وضح.
4 {يغشاها}: يسترها، أي: الشّمس.
5 {وَما بناها} بمعنى المصدر، أي: وبنائها، أو ما بمعنى (الذي) أي: وبانيها.
7 {وَما سواها}: أي: وربّ تسويتها، وكان من دعاء النّبي صلى الله عليه وسلم: «اعط قلوبنا تقواها، زكّها أنت خير من زكاها، أنت وليّها ومولاها».
10 {دساها}: أهلكها بالذنوب، أو دسّ نفسه في الصّالحين وليس منهم. أو أخفاها وأخملها من (الدّسيس) فكان (دسّسها)، والعرب تقلب المضعّف إلى الياء تحسينا للفظ.
14 {فَدَمْدَمَ}: أهلك واستأصل، و(الدمدمة): تحريك البناء حتى ينقلب.
{فسواها}: سوّى بلادهم بالأرض.
15 {وَلا يَخافُ عقباها}: تبعة إهلاكهم. اهـ.

.قال ملا حويش:

تفسير سورة والشمس:
نزلت بمكة بعد القدر.
وهي خمس عشرة آية.
وأربع وخمسون كلمة.
ومائتان وسبعة وأربعون حرفا.
لا ناسخ ولا منسوخ فيها.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قال تعالى: {وَالشَّمْسِ} القرص المعهود {وضحاها 1} الوقت المعلوم لأن فيه زيادة ضوئها وقيام سلطانها {وَالْقَمَرِ} المستفاد نوره منها بدليل قوله: {إِذا تلاها 2} تبعها لأنه دائما يكون بمقابلتها تخلفه ويخلفها أنظر رعاك اللّه أي فلكي أخبر محمدا صلى الله عليه وسلم أن أول شيء تكون من الأجرام هو الشمس حتى أقسم اللّه بها، ثم أقسم بما يكون بعدها لأن هذه الأمور لم تعرف إلا بعد نزول هذا القرآن ولم يسبق أي نقل فيها عن أحد قبله فهو الذي نور قلوب الناس وعقولهم، فيجب علينا نحن المؤمنين أن نتمسك به ونجيل النظر في معانيه وما يرمي إليه بإمعان لا نظرا سطحيا وأن نلازمه ونجول حول حرمه ليمنّ اللّه علينا بالوقوف على بعض مغازيه النافعة لنا دينا وأخرى قال تعالى: {وَالنَّهارِ إِذا جلاها 3} أي الشمس فإنها تنجلي وتظهر إذا انبسط النهار وتنجلي فيه ظلمة الليل حيث يغشاه ضياؤه بظهور الشمس {وَاللَّيْلِ إِذا يغشاها 4} أي الشمس إذ بغيابها يظلم الأفق ويبسط الظلام سلطانه {وَالسَّماءِ وَما بناها 5} قال بعض المفسرين آثر ما، على من، في هذه الآية لإرادة الوصفية تفخيما أي والقادر العظيم الذي بناها {وَالْأَرْضِ وَما طحاها 6} دحاها وبسطها من كل جانب ودحاها ومهدها لمنافع الخلق والإنس أن يقال جيء بما في هاتين الآيتين بدل من لتفيد المصدرية ويكون المعنى والسماء وبنائها ومعنى البناء هنا الخلق.

.مطلب كون السماء مبنية والقوى البشرية:

وظاهر لفظ البناء يدل على أن للسماء جرما وهذا كاف للرد على من يقول أن السماء خلاء تعالى اللّه عما يقول الظالمون علوا كبيرا، كيف وقد قال الله: {لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} الآية 57 من سورة غافر.
فإذا كانت خلاء كما يزعمون فليست بأعظم من خلق الناس إذ لا أعظم من خلقه إلا خلقها، ولهذا البحث صلة في تفسير الآية المذكورة والآية 47 من سورة الذاريات أيضا فراجعها، قال تعالى: {وَنَفْسٍ وَما سواها 7} أبدعها وأنشأها وعدل أعضائها وسوى خلقها على غير مثال سابق في أحسن صورة هذا على جعل ما مصدريه، لا وصفيه، وهو الصواب ويجوز أن تجعل ما، بمعنى من، وعليه فتقول والذي سواها والذي بناها والذي طحاها وهكذا، ونكّر لفظ النفس للتكثير ولتشمل آدم ومن بعده إذا أريد بالنفس الجسد، وإذا أريد بها المعنى القائم بالجسد فيكون معنى {سواها} أعطاها القوى الكثيرة كالناطقة والسامعة والشامة واللامسة والذائقة والمخيلة والمفكرة والمدبرة والحافظة والباصرة وغيرها من القوى التي أودعها اللّه فيها ليفكر الإنسان في آلاء اللّه ويتدبر في مصنوعاته ويعقل كيفية مخلوقاته، هذا ومعنى قوله تعالى: {فَأَلْهَمَها} أي فهم أو علم تلك النفس ما يضرها وينفعها وبين لها الحالتين اللتين يؤول الإنسان إلى أحدهما {فُجُورَها} وما يؤول إليه من العذاب وثانيتها {وتقواها 8} وما يوصل إليه من الثواب بحيث عرّفها ما تأتي وما تذر وما تأخذ وما تتقي وعاقبة كل من ذلك روى مسلم عن جابر قال: «جاء سراقة بن مالك بن جعشم فقال يا رسول اللّه بيّن لنا ربنا أمر ديننا كأنا خلقنا الآن فيم العمل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير أو فيما يستقبل؟ قال: لا بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير، قال ففيم العمل؟ قال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له».
راجع تفسير الآية الأولى من سورة القلم المارة فيما يتعلق بها.
وروى مسلم عن جابر بمعناه من طريق آخر هذا وقد أقسم اللّه تعالى في هذه الأشياء لعظم شرفها وجريان منافعها للخلق وما فيها لمصالحهم وجواب القسم {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زكاها 9} أي فاز وسعد من طهّر نفسه وأصلحها من درن الذنوب ووسخ العيوب {وَقَدْ خابَ} خسر {مَنْ دساها 10} دنسها بالمعاصي وأفسدها بالكفر وأغواها بالملاهي فأهلكها وأتلفها، روى مسلم عن زيد بن أرقم قال كان رسول اللّه يقول «اللهم أعوذ بك من العجز والكسل والبخل والهرم وعذاب القبر اللهم آت نفسي تقواها زكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن دعوة لا تستجاب»، ثم طفق على شأنه يقص على بنيه شيئا من أخبار الأمم الماضية ليعظ قومه ويحذرهم من مخالفته ويرغبهم بطاعته، فقال: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ} قوم صالح عليه السلام {بطغواها 11} عليه وتكذيبهم له بعد أن أظهر لهم الناقة التي طلبوها منه معجزة على صدقه {إِذِ انْبَعَثَ أشقاها 12} قام مسرعا لعقر الناقة أشقى قومه وهو قدار بن سالف، روى البخاري ومسلم عن عبد اللّه ابن أبى زمعة أنه سمع رسول اللّه يخطب وذكر الناقة والذي عقرها فقال: «انبعث لها رجل عزيز منيع في أهله مثل أبي زمعة» ولفظ البخاري «عارم» أي شديد ممتنع {فَقالَ لَهُمْ رسول اللّه} صالح عليه السلام احذروا {ناقَةَ اللَّهِ وسقياها 13} لا تعقروها ولا تتعرضوا لها بسوء ولا لمائها في نوبتها ولا تقربوه.
وذلك ان اللّه أمر صالحا أن يجعل الماء الموجود في قريتهم يوما لهم ويوما لها، وأضافها لجلالته تشريفا كبيت اللّه {فَكَذَّبُوهُ} بما أخبرهم عن ربه من قسمة الماء ولم يكتفوا بمنعها حتى عمدوا إلى الناقة {فَعَقَرُوها} نسب العقر لهم مع أن العاقر واحد لموافقتهم على عقرها قال تعالى: {فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ} الآية 29 من سورة القمر الآتية ولما لم يلتفتوا إلى نهي نبيهم استأصلهم بعذابه المنوه به بقوله: {فَدَمْدَمَ} دمر وأطبق العذاب {عَلَيْهِمْ} جميعهم لرضاهم بفعل العاقر والراضي بالشيء كفاعله فأهلكم كلهم {رَبُّهُمْ} لمخالفته امره وتكذيبهم لنبيه {بِذَنْبِهِمْ} الذي اقترفوه عمدا وعدوانا وقصدا {فسواها 14} سوى قراهم بالأرض وعمهم بالدمدمة فلم يفلت منهم أحد {وَلا يَخافُ عقباها 15} ولا تبعتها كما يخاف الملوك عاقبة أفعالهم لأنه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
وستأتي القصة مفصلة في الآية 72 من الأعراف الآتية.
هذا ولا يوجد في القرآن سورة مبدوءة أو مختومة بما بدئت وختمت به هذه السورة من الألفاظ.
وأستغفر اللّه، ولا حول ولا قوة إلا باللّه، وصلّى اللّه على سيدنا محمد وصحبه وسلم. اهـ.

.فصل في الوقف والابتداء في آيات السورة الكريمة:

.قال زكريا الأنصاري:

سورة والشمس:
مكية.
{قد أفلح} إلى قوله: {من دساها} جواب القسم وهو تام.
{أشقاها} كاف وكذا {فسواها} وقال أبو عمرو انهما تامان.
آخر السورة تام. اهـ.

.قال أحمد عبد الكريم الأشموني:

سورة والشمس:
مكية.
لا وقف من أوَّلها إلى {قد أفلح} جواب القسم لاتساق الكلام واتصال الجواب بالقسم والتمام {دساها} وحذفت اللام من {قد} لطول المعاطيف على المقسم به الأوَّل.
وقيل الجواب محذوف تقديره قد سعد من عمل بالطاعة وشقي من عمل بالمعاصي.
وقيل لَيُدَمْدِمَنَّ الله عليهم أي على أهل مكة لتكذيبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما دمدم على ثمود لتكذيبهم نبيَّ الله صالحاً عليه السلام.
وقيل لتبعثن.
وعلى أنه محذوف يحسن الوقف على رأس كل آية.
{أشقاها} و{سقياها} و{فسواها} وقف لمن قرأ {ولا يخاف} بالواو وليس بوقف لمن قرأ {فلا يخاف} بالفاء وهو نافع وابن عامر والباقون بالواو. ورسمت في مصاحف أهل المدينة والشام بالفاء وفي غيرها بالواو فقد قرأ كل بما يوافق رسم مصحفه.
آخر السورة (تام). اهـ.

.فصل في ذكر قراءات السورة كاملة:

.قال ابن جني:

سورة الشمس:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قرأ: {بطغواها}- الحسن.
قال أبو الفتح: هذا مصدر على فعلى، كأخواته من: الرجعى، والحسنى، والبؤسى والنعمى. وعليه ما حكاه أبو الحسن من قراءة بعضهم: {وَقولوا لِلنَّاسِ حُسْنى} كقولك: عرفا. اهـ.

.قال الدمياطي:

سورة الشمس:
مكية.
وآيها خمس عشرة في غير مدني أول قيل ومكي وست عشرة فيهما.
خلافها ثنتان:
{فعقروها} مدني أول وحمصي.
{فسواها} غيره.
القراءات:
أمال رؤوس الآي سوى {تلاها} و{طحاها} حمزة والكسائي وخلف أما {تلاها} و{طحاها} فأمالهما الكسائي وحده وقلل الجميع الأزرق وابو عمرو بخلفهما معا كما مر إيضاحه في محله فاقتصار الأصل هنا على التقليل للأزرق مع اتصاله بهاء المؤنث لعله سهو قلم.
وأما {عقروها} فلا تمال بحال.
وعن الحسن {بطغواها} بضم الطاء مصدر كالرجعى والحسنى.
وأدغم تاء {كذبت ثمود} أبو عمرو وهشام وابن ذكوان من طريق الأخفش وحمزة والكسائي.
واختلف في {ولا يخاف} الآية 15 فنافع وابن عامر وأبو جعفر بالفاء للمساواة بينه وبين ما قبله من قوله: {فقال لهم} {فكذبوه} والباقون بالواو ما للحال أو لاستئناف الإخبار.
المرسوم:
{ولا يخاف} بالفاء في المدني والشامي وبالواو في المكي والعراقي.
واتفقوا على كتابة {تليها} و{طحيها} بالياء. اهـ.